فيما تستعد مدينة غرناطة لاحتضان أحد المعارض الفنية الأهم هذا الخريف، سُرقت لحظة التألق قبل أن تبدأ، إذ اختفت لوحة بابلو بيكاسو النادرة Still Life with Guitar (الحياة الساكنة مع الغيتار)، المرسومة عام 1919، في ظروف غامضة في أثناء نقلها إلى مركز كاخاغرنادا الثقافي CajaGranada Cultural Center، لتتحول من قطعة فنية إلى قصة غموض تتناقلها الأوساط الفنية حول العالم.

اللوحة، على صِغَر حجمها البالغ نحو خمس بوصات عرضًا وأقل من أربع ارتفاعًا، تحمل بصمة من أكثر المراحل التجريبية في مسيرة بيكاسو، حين كان يمزج بين التكعيبية والرمزية بخفة فريدة. وقد كان مقدرًا للوحة أن تتألق ضمن معرض فني في التاسع من أكتوبر، لكنها لم تبلغ وجهتها قط، لتبدأ فصول واحدة من القضايا الفنية الأكثر غموضًا هذا العام.

CajaGranada Cultural Center

AFP

غادرت اللوحة العاصمة مدريد في الثالث من أكتوبر داخل شاحنة مخصصة لنقل الأعمال الفنية، ووثّقت كاميرات المراقبة لحظة وصولها إلى غرناطة برفقة قطع أخرى. بعد ذلك نُقلت الصناديق إلى قاعة العرض وبقيت مغلّفة طيلة عطلة نهاية الأسبوع حتى صباح السادس من أكتوبر، حين لاحظ القائمون على المعرض غياب لوحة بيكاسو وسط ذهول الحاضرين.

CajaGranada Cultural Center

CajaGranada Cultural Center

ورغم الدقة البالغة التي أحاطت بعملية النقل، إلا أن اختفاء اللوحة أعاد فتح واحدة من الصفحات الأكثر تكرارًا في إرث بيكاسو: تاريخ طويل من سرقة الأعمال أو فقدانها عبر السنين. فاسم الفنان الإسباني لا يسطع في مزادات العالم فحسب، بل يرافقه دومًا شيء من الغموض، إذ اختفت له أعمال من مجموعات خاصة ومتاحف كبرى، كما عُثر على لوحة يُعتقد أنها أصلية في مكب نفايات بجزيرة كابري قبل عقود، وكأن عبقرية بيكاسو تأبى أن تستقر في مكان واحد.

اليوم، وفيما تتواصل التحقيقات، يعيش الوسط الفني حالة ترقّب وأمل في أن تظهر اللوحة مجددًا، لتستعيد مكانها المستحق ضمن إرث بيكاسو، ولتذكّر العالم بأن عبقريته لا تزال تخفي أسرارًا حتى بعد أكثر من قرن على ولادتها.