بعد عقود من الصمت الذي فرضته ثورة الكوارتز في سبعينيات القرن الماضي وثمانينياته، تستعد اثنتان من أعرق دور صناعة الكرونوغراف، وهما يونيفرسال جنيف Universal Genève وغاليه Gallet، للعودة إلى الواجهة بقوة في عام 2026، ضمن رؤية جديدة تحمل اسم House of Brands (منزل العلامات التجارية).
استراتيجية "منزل العلامات التجارية"
خلال فعاليات أسبوع دبي للساعات، الحدث الذي بات منصة معيارية لقراءة توجهات صناعة الساعات الفاخرة، قدّم كيرن جورجيس، الرئيس التنفيذي لمجموعة بريتلينغ Breitling، تصورًا تفصيليًا لمفهوم "منزل العلامات التجارية"، ليس بوصفه تحالفًا تسويقيًا عابرًا، ولكن منظومة تعتمد على تناغم بين تراث كل دار وموقعها في خريطة الفخامة اليوم.
ترتكز الفكرة على بناء طيف متكامل من دور الساعات، يبدأ من دور الفخامة الميسورة عالية الجودة وينتهي عند دور الساعات فائقة الندرة ذات البعد الفني والجمعي، مع الحفاظ على شخصية مستقلة واضحة لكل علامة داخل هذه المنظومة.
Breitling
هذه المقاربة تحمل في جوهرها إستراتيجية طويلة الأمد تتجاوز منطق التوسّع العددي في العلامات إلى انتقاء مدروس لبيوت تمتلك إرثًا حقيقيًا يمكن البناء عليه. وفق رؤية "منزل العلامات التجارية"، يصبح تعدد العلامات وسيلة لتوسيع الخيارات أمام الزبائن عبر مستويات سعرية متعددة وأساليب حياتية مختلفة، مع تقديم تجارب متميزة لكل شريحة من هواة الساعات وجامعيها. فبدلاً من أن تتنافس هذه الأسماء في المساحة نفسها، يجري توزيع الأدوار بعناية بحيث يغطي كل اسم جزءًا محددًا من خارطة الفخامة، في انسجام واضح أكثر منه تزاحم.
ضمن هذا الإطار، تبدو عودة يونيفرسال جنيف وغاليه بمنزلة استعادة لصفحتين مركزيتين من تاريخ الكرونوغراف الميكانيكي بعد عقود من التراجع. فكلا الاسمين ارتبطا بمرحلة كان فيها الابتكار في وظائف الكرونوغراف ودقته معيارًا للتفوق، لتأتي إعادة إطلاقهما الآن بمنزلة التأكيد على أن الإرث ليس مجرد أرشيف، بل هو مادة خام لإعادة ابتكار الحاضر.
Breitling
غاليه ويونيفرسال جنيف.. فصل جديد في عالم الساعات
من منطلق "منزل العلامات التجارية"، تتهيأ دار غاليه لمرحلة جديدة تُعيد تعريف مفهوم الفخامة الميسورة مع إطلاق مرتقب في خريف 2026. هذا الاسم العريق الذي يحمل في طياته أكثر من قرنين من الخبرة، لطالما ارتبط بمحطات حاسمة في مسيرة قياس الوقت، بدءًا من الساعة التي رافقت الأخوين رايت في أول رحلة طيران، وصولاً إلى ساعة Flying Officer التي أرست مفهوم الكرونوغراف متعدد المناطق الزمنية، لتبرهن أن دقتها الوظيفية كانت دائمًا في صُلب هويتها.
إعادة تقديم غاليه اليوم تأتي عبر تصنيع متقن بإشراف بريتلينغ، وتوزيع حصري ضمن شبكة متاجرها وشركائها، ما يجعل الحرفية السويسرية الأصيلة متاحة لجيل جديد من عشاق الساعات الباحثين عن مدخل موثوق لعالم الكرونوغراف.
في المقابل، تتخذ يونيفرسال جنيف موقعًا مختلفًا تمامًا داخل "منزل العلامات التجارية"، إذ ترتقي فوق بريتلينغ لتشغل موقعها بين مصاف دور الساعات فائقة الفخامة، بصفتها دارًا مستقلة تُجسّد التقاء الإبداع الفني والدقة التقنية في أبهى صورها. هذه الدار التي عُرفت بلقب Le Couturier de la Montre (مصمم الساعات الرفيعة) لم تأتِ شهرتها من فراغ؛ فمجموعات مثل Polerouter، وكرونوغراف Compax أدت دورًا حاسمًا في صياغة الملامح الحديثة لتصميم الساعات السويسرية، سواء على مستوى نسب العلب أو معالجة الموانئ أو هندسة التعقيدات. عودتها ضمن الرؤية الجديدة ليست مجرد استعادة اسم تاريخي، بل هي رهان على بناء طبقة جديدة من الفخامة تضع التصميم المتقن والحركات المتقدمة في قلب التجربة.
Breitling
وسط هذه الأدوار المتمايزة، تظل بريتلينغ في قلب المنظومة الجديدة، مستندة إلى أكثر من 140 عامًا من الخبرة التي تمزج بين الطابع الرجعي المستوحى من أرشيف الطيران والرياضة، وروح الأداء العملي التي تحاكي متطلبات الاستخدام اليومي.
ولكي هذه الرؤية الجديدة لا تبقى حبيسة البيانات الرسمية، اختارت المجموعة اختبارها ميدانيًا مع جمهور الساعات في دبي، المدينة التي أصبحت مسرحًا أساسيًا لإطلاق التوجهات الجديدة في قطاع الفخامة. فقد دشّنت بريتلينغ جناحًا مخصصًا من طابقين يمتد على مساحة تقارب 400 متر مربع ضمن معرض أسبوع دبي للساعات، صُمم ليكون مساحة تجربة حيّة أكثر منه منصة عرض تقليدية. هناك، أتيحت للنخبة من الزبائن وتجار التجزئة ووسائل الإعلام فرصة استكشاف ملامح هوية "منزل العلامات التجارية" عن قرب، وقراءة كيف يمكن لعودة يونيفرسال جنيف وغاليه تحت مظلة بريتلينغ، أن تعيد رسم مشهد صناعة الساعات الفاخرة في السنوات المقبلة لصالح مقاربة أكثر تكاملاً للفخامة المعاصرة.





