فيما يتغير مشهد التسوق الرقمي بوتيرة متسارعة، يشق متجر تيك توك طريقه تدريجيًا نحو عالم الرفاهية، متجاوزًا حدود منتجات التجميل ليحتضن سلعًا من أرقى دور العالم مثل هيرميس ورولكس وغيرها من العلامات العريقة. هذه الخطوة تمثل توجهًا ذكيًا لدمج ثقافة المحتوى القصير بمنظومة المنتجات الفاخرة، مُتيحة تجربة جديدة تجمع بين الإلهام اللحظي والقيمة الاستثمارية العالية.

معايير صارمة لموثوقية الشراء

هذا التوجّه نحو السلع مرتفعة القيمة يضع متجر تيك توك أمام معادلة شائكة تدور حول ثقة وأصالة المنتجات. هنا يتقدّم الذكاء الاصطناعي إلى الواجهة عبر شركات متخصصة مثل إنتروبي Entrupy المعتمدة من تيك توك، والتي طوّرت نظام فحص يستند إلى قواعد بيانات واسعة وصور عالية الدقة لآلاف القطع الفاخرة الأصلية، ليحوّل عملية التحقق من إجراء شكلي إلى درع حماية فعلي للمشتري. هذا وتخضع الساعات لمستوى أعلى من التدقيق، إذ لا يكتفى فيها بذكاء الآلة وحده، بل يُشترط موافقة خبير حقيقي، مثل صانع ساعات معتمد يضع ختم اعتماده على كل قطعة قبل طرحها للبيع.

إلى جانب حلول التحقق الخارجية، يحاول متجر تيك توك نفسه ضبط جودة السوق على منصته بوضع معايير صارمة للبائعين والمنتجات. وبحسب تقرير أصدرته الشركة الشهر الماضي، حظر التطبيق بيع أكثر من مليون بائع محتمل في الأشهر الأولى من عام 2025 لعدم استيفائهم معايير السلامة المطلوبة، في خطوة تعكس رغبة واضحة في حماية المستهلكين ومنع انتشار السلع المقلدة في فئة حساسة مثل المنتجات الفاخرة المستعملة. هذا المزيج بين التكنولوجيا والرقابة الداخلية يمنح تجربة الشراء عبر متجر تيك توك قدرًا أعلى من الموثوقية، على نحو خاص مع ارتفاع أسعار القطع المعروضة.

معايير صارمة لموثوقية الشراء/ تيك توك يتحول إلى منصة لبيع السلع الفاخرة

Pexels

تيك توك يتحول إلى منصة لبيع السلع الفاخرة

اللافت هو أن هذا التحول لم يبق مجرد تجربة على الهامش، إذ بدأت بعض المتاجر المتخصصة في السلع الفاخرة المستعملة تحقق نتائج ملموسة على المنصة. متجر 17th Street في نيويورك، مثلاً، تمكن من بيع ما يقرب من 1,000 حقيبة فاخرة عبر تيك توك، وهو رقم يعكس حجم الجمهور النشط واستعداده للشراء داخل التطبيق نفسه. وتشير مسؤولة وسائل التواصل الاجتماعي في المتجر إلى أن نحو 33٪ من أرباحه الحالية تأتي من تيك توك، فيما يحصل التطبيق على عمولة تقارب 8٪ من كل عملية بيع، ما يوضح كيف بات المتجر مصدر دخل حقيقيًا للعلامات والمتاجر الصغيرة والمتوسطة المتخصصة في إعادة بيع السلع الفاخرة.

من بين القطع المعروضة حاليًا حقيبة Hermès Kelly 35 تعود لعام 2002 باللون الأبيض، بسعر يبلغ نحو 13,000 دولار أمريكي، ما يضعها مباشرة في فئة المقتنيات الاستثمارية أكثر من كونها مجرد إكسسوار. إلى جانب ذلك، تظهر ساعة Rolex Datejust 41 المستعملة المصنوعة من الفولاذ الأبيض والذهب الأبيض مع قرص أسود بسعر يقارب 15,000 دولار، لتؤكد جدية المنصة في استقطاب هواة الساعات. وتضم القائمة أيضًا ساعة Cartier Tank Américaine Mini وسوار كارتييه لوف Cartier Love من الذهب الوردي، وهما سلعتان مستعملتان، معروضتان مقابل نحو 3,000 دولار، إلى جانب قطع أخرى تشمل أحذية نايكي محدودة الإصدار، ما يربط بين عالم الكلاسيكيات الفاخرة والثقافة المعاصرة ضمن مساحة تسوق واحدة.

تيك توك يتحول إلى منصة لبيع السلع الفاخرة

Pexels

ورغم أن دخول تيك توك إلى سوق المنتجات الفاخرة المستعملة قد يبدو لأول وهلة خطوة جريئة، إلا أن الأرقام والسلوك الاستهلاكي للأجيال الشابة يمنحان هذا التوجه منطقًا واضحًا. فالتطبيق يُعد منصة يومية أساسية لأبناء جيل Z، الذين يمزجون بين حب العلامات الشهيرة والبحث عن القيمة والندرة.