بالرغم من أن نحو خمسة أعوام ونيّف مضت على افتتاح مطعم Mina Brasserie في فندق فورسيزونز بمركز دبي المالي العالمي، إلا أن هذه الواحة التي تحمل توقيع الطاهي الشهير مايكل مينا نجحت في الحفاظ على مكانتها بوصفها إحدى أفضل وجهات الطعام في المركز، ومقصدًا لزوّار المدينة وأهلها، وفي طليعتهم كبار رجال الأعمال والتنفيذيون الذين غالبًا ما يحتشد بهم المطعم في أوقات الظهيرة. 

تجربة مطعم Mina Brasserie 

على أن هذا النجاح لا يعود مستغربًا إذ يختبر المرء في Mina Brasserie (المفتوح لوجبات الفطور والغداء والعشاء) تجربة طعام تتكامل عناصرها وسط مساحة تنبض بحيوية دافئة وبطابع أوروبي عصري يستلهم مجلسًا فرنسيًا من عشرينيات القرن الفائت، وتوثّقه فسيفساء تصميمية تزاوج بين أرضيات رخامية، ومجالس باللونين الأزرق والأبيض، وثريات تتلألأ بالنور، وجدران تلتحف بألواح خشبية داكنة اللون تثريها أعمال فنية تستحضر أجواء المطاعم الصغيرة التي تذكر بها أيضًا مجالس خارجية مظللة تتزيّن بالخضرة.   

مطعم Mina Brasserie

Four Seasons DIFC

لكن ما يكرّس تمايز التجربة في Mina Brasserie ليس موقعه الاستراتيجي أو فخامة تصميمه، بل نهج إبداعي اتبعه مايكل مينا وفريقه للإتيان بابتكارات تستثير شعورًا بالانبهار إذ تقوم على تحقيق التوازن بين مذاقات مختلفة. هذا ما استكشفناه في زيارة لتناول الغداء في المطعم، حيث كل طبق كان مزيجًا من المذاقات الحامضة والحلوة المعززة بنكهة التوابل وقليل من الدسم.

ولا مبالغة في القول إن هذا التوازن المتقن يُشكل أساسًا لقائمة طعام تزخر بأطباق كلاسيكية في جوهرها لكنها تعكس نزعة راسخة إلى الابتكار. يكفي أن تجرّب تلك الأصناف التي يفاجئك بها هنا الطاهي التنفيذي رامي ناصر لتقف شاهدًا على البراعة في الارتقاء بأي طبق مألوف إلى مستوى إبداعي تستحسنه الذائقة.

فناصر، اللبناني الأصول والذي تمرّس على صقل موهبته وخبرته في مطاعم شهيرة مثل LPM وكويا، يقارب كل طبق يشرف على إعداده من منظور ديناميكي يجمع بين الالتزام بالمطبخ الحديث والدقة والإتقان. وفي هذا يقول: "إن جوهر ما نفعله هو ابتكار أصناف بسيطة ولكن كفيلة بتوفير تجربة طعام راقية من دون بذل مجهود مبالغ فيه لتحقيق ذلك، ومن دون تعقيد الوصفات. الأمر يتعلق من منظورنا بالإتيان بصنف يمكن لأي زائر أن يثمّنه، وصياغة النسخة المثلى منه".

ويضيف ناصر، المولع بفن إعداد الطعام: "يشبه الأمر ما يحدث في عالم الموسيقا، حيث تُلهمك أنواع مختلفة منها". 

Four Seasons DIFC

هذا التشبيه يحضرنا فيما نختبر أصنافًا متنوعة من المقبلات منضبطة العناصر مثل إيقاع موسيقي، بداية من طبق ترتار التونة الذي يحمل اسم مايكل مينا ومعه بشائر تجربة تعلو فوق ما هو مألوف. فعلى غير ما هو متوقّع من هذا الطبق التقليدي، تزخر نسخة مينا بمذاق أكثر ثراء وتفردًا بسبب مكوّناته المكمّلة المتمثلة بالصنوبر والثوم والنعناع وزيت السمسم وفلفل هابانيرو.

يتمايز أيضًا على قائمة المقبلات طبق من ترتار لحم واغيو البقري الذي تتوّجه طبقة من الكافيار ويثري طعمه صفار البيض والطرخون، وطبق الأخطبوط المشوي الذي يلقى طعمه المدخّن والطري استحساننا، شأنه في ذلك شأن سلطة الكينوا وأوراق الكرنب المجعّد والتي يتفوّق ناصر في موازنة مذاق الأفوكادو وحبوب اليقطين فيها بصلصة بطعم الزنجبيل. 

Four Seasons DIFC

مذاقات متوازنة

تتجسّد أيضًا هذه البراعة في تحويل كل ابتكار إلى فسيفساء من المذاقات المتوازنة في أطباق رئيسة متنوّعة قد يصعب تحديد أيّها أطيب مذاقًا، بداية من المأكولات البحرية التي ينجح فريق Mina Brasserie في الإبقاء على طراوة لحومها إذ يطهونها بالقدر المطلوب من دون زيادة أو نقصان، على ما تشهد خصوصًا قطعة من السلمون تستقر فوق طبقة من حبوب العدس منكهة بصلصة من الخل والطماطم تُقدّم مع الخرشوف، أو سمكة القاروص المحمّرة التي توازن طعمها حبوب المغربية المعززة بنكهة الزعفران والليمون المخلل والبروكوليني. 

تزخر القائمة أيضًا بخيارات وفيرة من أصناف الباستا التي يصعب مقاومتها، مثل الرافيولي بالفطر مع الكمأة السوداء، وعصائب لانغويني مع جبن بوراتا وصلصة الطماطم، والسباغيتي مع لحم السلطعون. 

Four Seasons DIFC

أما إذا كنتم من محبّي اللحوم الحمراء، فلا تفوّتوا إمتاع ذائقتكم بالطعم الدخاني الغني لأضلاع اللحم البقري التي تُقدّم مع القرع المهروس، أو بتلك الطراوة البالغة التي تميّز طبقًا من خد لحوم البقر يرافقه الجزر الأبيض المهروس. 

Four Seasons DIFC

قد لا يجد الزائر نفسه متخمًا في نهاية هذه التجربة. ولكن إن كان له أن يختتمها بصنف أو اثنين من قائمة الحلويات، فإننا ننصح بأن يكون خياره التقليدي حلوى التيراميسو الزاخرة بطعم القهوة ولكن من دون مبالغة، أو الخيار الأعلى تميزًا المتمثل بفطيرة الموز التي تحمل توقيع مايكل مينا وتتفرّد بمذاق صلصة التوفي المملح.