عندما تُعرض أعمال رواد الفن الغربي مثل كلود مونيه ومارك شاغال في مزاد واحد، لا يكون الأمر حدثًا لبيع اللوحات الفنية فحسب، بل لحظة نادرة يُعاد فيها تعريف معنى الاقتناء الفني. ومن هنا تبرز أهمية المبادرة الجديدة التي تقودها كريستيز، إذ تستعد الدار لطرح مجموعة مختارة من مقتنيات متحف كوامورا التذكاري للفن، تضم أعمالاً تُجسّد ذروة الإبداع الغربي في القرن التاسع عشر والعشرين، وتُمهّد الطريق أمام مزاد خريفي يُنتظر أن يُحدث صدى واسعًا في أوساط الزبائن العالميين.
من كوامورا إلى كريستيز.. رحلة تثير الجدل
لم يكن ظهور هذه الأعمال في كتالوغ كريستيز وليد المصادفة، بل ثمرة تحوّل كبير داخل متحف كوامورا التذكاري للفن..
الذي اختار في نهاية العام الماضي الدخول في مرحلة إعادة هيكلة عميقة شملت قرارًا جريئًا ببيع نحو ثلاثة أرباع مجموعته في خطوة تهدف إلى تأمين أكثر من 10 مليارات ين ياباني من السيولة خلال السنة المالية 2025. لكن هذه الخطوة فتحت في الوقت نفسه الباب أمام انتقال روائع فنية ارتبطت بتاريخ اليابان المعاصر إلى أسواق المزادات العالمية.
هذا التحول لم يمرّ من دون جدال، إذ ارتفعت أصوات داخل الوسط الفني تحذر من نزف الإرث الثقافي، وفي مقدمتها الملياردير الياباني يوساكو مايزاوا الذي دعا إلى إبقاء الأعمال في الداخل ومنح الأولوية للمقتنين المحليين. أما صندوق Oasis Management، أحد المساهمين البارزين في شركة DIC المالكة للمتحف، فذهب أبعد من ذلك، واصفًا القرار بأنه غير مناسب على الإطلاق.
Christie's
روائع القرن العشرين تتصدر مزاد كريستيز
يضم مزاد كريستيز المرتقب مجموعة مختارة من الأعمال التي تعكس تنوع الاتجاهات الفنية في القرن العشرين، من الانطباعية إلى الرمزية المعاصرة.
تتقدم هذه المجموعة لوحة Nymphéas (الزنابق المائية) التي أنجزها كلود مونيه في عام 1907، ضمن السلسلة الشهيرة التي تحمل الاسم نفسه، والتي تُعد من أعماله الأكثر شهرة في العقد الأول من القرن العشرين.
تعكس هذه النسخة بتكوينها الرأسي تأثير الفن الياباني على أسلوب مونيه المتأخر، في مشهد بصري مشبع بالألوان الزيتية الغنية والحركة النابضة. وتُعد هذه اللوحة من القطع الانطباعية الأبرز المطروحة هذا العام، وتُقدّر قيمتها الأولية بنحو 40 مليون دولار أمريكي.
Christie's
أما مارك شاغال، فيحضر في المزاد بعملين مختلفين في الطرح، متكاملين في الرؤية. الأول، لوحة Le Soleil Rouge (الشمس الحمراء)، التي تعود إلى نهاية عقد الأربعينيات، وتحديدًا عام 1949، ويجسّد فيها الفنان رؤيته للحب الرومانسي من خلال تدرجات لونية دافئة من الأحمر والذهبي، في عمل يُعبّر عن الجانب الحسي والوجداني في فن شاغال.
أما العمل الثاني، Le Songe du Roi David (حلم الملك داوود)، الذي أنجزه شاغال بعد ما يقرب من عقدين، في عام 1966، فهو عمل مركّب يستلهم قصة الملك داوود، مقدّمًا مشهدًا رمزيًا غزير التفاصيل، استخدم فيه التكوين المسرحي والألوان الزاهية ليعيد تشكيل لحظة روحية من زاويته الخاصة.
وفيما تستعد قاعات كريستيز في نيويورك لاستقبال هذه الأعمال الاستثنائية، تترقّب الأوساط الفنية مزاد الخريف وما سيحمله من مفاجآت على مستوى الأسعار والإقبال، في اختبار جديد لقدرة السوق العالمي على استيعاب روائع الفن الغربي النادرة.