في سجلّ الفن الأوروبي، يبرز كاناليتو بوصفه الاسم الأهم في رسم مدينة البندقية وتثبيت صورتها في خيال العالم؛ فالفنان الإيطالي عرف كيف يحوّل المدينة العائمة إلى مسرح مفتوح يتداخل فيه الضوء مع الماء والعمارة والاحتفال في مشهد واحد نابض بالحياة. هذه القدرة تبلغ ذروتها في لوحته الشهيرة Venice, the Bucintoro at the Molo on Ascension Day (البندقية، عودة موكب البوتشنتورو في يوم الصعود). فالعمل الذي أنجزه كاناليتو في إنجلترا بين عامي 1746 و1755، يُعد اليوم من لوحاته الأكثر إبهارًا وتأثيرًا على الإطلاق.
انطلاقًا من هذه المكانة الاستثنائية، تعود اللوحة إلى دائرة الضوء مجددًا متصدّرة مزاد كريستيز في نيويورك 4 فبراير 2026. حضور العمل في هذا التوقيت لا يُعد حدثًا عابرًا بقدر ما هو تذكير بقوته البصرية وقدرته على إعادة تشكيل الاهتمام العالمي بفنون البندقية الكلاسيكية، واستدعاء جديد لقصة كاناليتو مع المدينة التي خلدها في ذاكرة الفن.
Christie’s
يرجع الجزء الأكبر من سحر اللوحة إلى جرأتها التركيبية وطريقة بناء المشهد. فالعمل لا يكتفي بتقديم بانوراما لواجهة المدينة، بل يحوّل احتفالات عيد الصعود إلى لوحة حركة كاملة، تمتد فيها المواكب الملكية على صفحة الماء، فيما تحيط بها العمارة التاريخية مثل جدار من الحجر والضوء. لهذا السبب عاد كاناليتو إلى موضوع عيد الصعود أكثر من مرة في مسيرته، قبل أن تصبح هذه اللوحة تحديدًا آخر معالجة معروفة له من هذه الزاوية، في ختام سلسلة طويلة من التأمل في العلاقة بين المدينة والبحر والاحتفال.
Christie’s
تاريخ ملكية اللوحة يُضفي طبقة أخرى من تفردّها، إذ كُلّف كاناليتو بإنجازها لصالح عائلة كينغ البريطانية، وبقيت في حيازتها قرابة مئتي عام متجاورة مع أعمال أخرى ضمن برنامج زخرفي متكامل تفرقت لوحاته اليوم بين مجموعات خاصة ومؤسسات كبرى مثل المتحف الوطني للفنون في واشنطن ومتحف الفنون الجميلة في بوسطن. هذا الامتداد الزمني الطويل داخل مجموعة واحدة منح العمل هالة من الاستمرارية والحفظ النموذجي.







