على مدى السنوات الأخيرة، كان لدار كريستيز دور ريادي في صياغة هوية الفن الرقمي العالمية. فبعد أن باعت أول لوحة من إنتاج الذكاء الاصطناعي عام 2018 مقابل 432,500 دولار أمريكي، أطلقت قمة الفن والتقنية السنوية Art + Tech Summit لتصبح جسرًا بين الابتكار والتقليد. ورغم هذا الإرث الريادي في دمج التكنولوجيا بعالم الفن، جاءت خطوة الدار الأخيرة لتصوغ فصلاً جديدًا في هذه المسيرة، إذ أغلقت قسمها المخصص للفن الرقمي بعد تجربة قصيرة العمر لكنها مؤثرة في مسار الفن المدعوم بـالذكاء الاصطناعي.
جاء القرار في ظرف اقتصادي حرج، إذ بلغت مبيعات كريستيز نحو 1.5 مليار دولار في فئة الفن الرفيع خلال النصف الأول من عام 2025، بتراجع يقارب 2٪ مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وبانخفاض حاد يناهز 25٪ عن أرقام عام 2023. هذه الأرقام تعكس تباطؤًا ممتدًا لا يطال الفن الكلاسيكي فحسب، بل يمتد إلى السوق الرقمية عالميًا.
AFP
في أعقاب هذا التباطؤ، أوضحت كريستيز أن الخطوة تأتي ضمن عملية إعادة هيكلة شاملة لمنهج بيع الأعمال الرقمية، مؤكدة أن الفن الرقمي سيظل جزءًا من المزادات المخصصة للفن الحديث والمعاصر من دون الحاجة إلى قسم مستقل. وترى مستشارة الفن الرقمي فاني لاكوباي أن الإجراء منطقي من منظور الأعمال، موضحة أن دور المزادات لا يمكنها الإبقاء على قسم متخصص إن لم يحقق العوائد المرجوة، رغم النجاحات الفردية التي شهدها هذا القطاع.
من خلال هذه الخطوة، لا يبدو أن كريستيز تغادر المشهد الرقمي بقدر ما تختبر صيغة جديدة للتفاعل معه، متمثلة في إعادة تموضع مدروسة لدار مزادات تدرك أن قيمتها لا تكمن في اتباع الموجة، بل في الحفاظ على صدارتها في رسم مستقبل الفن بمختلف أشكاله.







