تستعد دار كريستيز لعرض مجموعة فنية تعود إلي روبرت إف. وايز، الرئيس السابق لسلسلة متاجر Weis Markets، وزوجته باتريشيا جي. روس وايز، خلال أسبوع المبيعات الكبرى في شهر نوفمبر المقبل بنيويورك.
عبر البريد الإلكتروني، وصل إلى ماكس كارتر، نائب رئيس كريستيز لقسم الفن الحديث والمعاصر، جدول بيانات يتضمن تفاصيل مجموعة فنية قيّمة في الربيع الماضي.
واحتوى الملف على كنز من اللوحات التي تساوي ملايين الدولارات لفنانين كبار مثل بابلو بيكاسو، ومارك روثكو، وهنري ماتيس، وبيت موندريان، وماكس إرنست، وبدا كأنها خرجت من العدم. يقول كارتر: "كانت واحدة من تلك المجموعات شديدة الخصوصية لدرجة أنني لم أر سوى عملين منها منشورين بالأبيض والأسود في بعض الكتب، ولم أكن أعرف مطلقًا من يملكها".
على مدى ما يقارب 70 عامًا، احتفظ الزوجان بمعظم كنوزهما داخل منزل متواضع على طراز المزارع في بلدة صن بيري بولاية بنسلفانيا، وهي بلدة لا يتجاوز عدد سكانها 10 آلاف نسمة. ونادرًا ما أعار الزوجان مقتنياتهما للمتاحف، وقد حافظا على حضور منخفض في عالم الفن.
وبعد وفاة روبرت فايس عام 2015، ثم باتريشيا فايس في 2024، قرر أبناؤهما الثلاثة بيع 80 عملاً فنياً، تُقدَّر قيمتها بأكثر من 180 مليون دولار، ضمن مزادات كريستيز الفنية الكبرى في نيويورك. وللحصول على الصفقة، قدّمت كريستيز للعائلة ضماناً مالياً، إذ تعهدت بدفع حد أدنى لسعر المجموعة مسبقًا، بغض النظر عما إذا بيعت الأعمال كلها أم لا. ووفقًا لخبراء سوق الفن، يبلغ هذا المبلغ ما يقارب 200 مليون دولار.
ستُقسم الأعمال على بضعة مزادات، وستُعرض 18 قطعة في مزاد مخصص لمالك واحد يسبق المزاد المسائي للفن الحديث والمعاصر، فيما ستُعرض الأعمال في مزادات اليوم التالي لفن ما بعد الحرب والفن الانطباعي والحديث خلال النهار.
Christie's
وقال أبناء الزوجين الثلاثة، كولين وجينيفر وجوناثان فايس: "لقد جلبت لنا نشأتنا وسط مجموعة والديْنا الفنية سعادة غامرة، وأيقظت فينا شغفًا بالفن سيلازمنا طيلة حياتنا. لقد شكّلت هذه المجموعة تجربة عائلية خاصة، وكنا محظوظين بأن نعيش بين هذه الروائع. واليوم نأمل أن ينتقل هذا الإرث إلى آخرين يستلهمون منه الجمال وعمق المشاعر التي تبعثها الأعمال".
كما قالت بوني برينان، الرئيسة التنفيذية لكريستيز، في بيان: "مجموعة باتريشيا جي. روس وايز وروبرت إف. وايز تحمل طابعًا شخصيًا عميقًا إلى جانب أهميتها التاريخية، إذ تجسد مسيرة الحداثة من خلال نماذج متفردة لأيقونات القرن العشرين.
جُمعت هذه الأعمال بصبر على مدى أكثر من سبعين عامًا، فجاءت المجموعة شاهدة على حسّ نقدي راقٍ، ورؤية فكرية، وذائقة متنوعة. إنه لشرف كبير أن نقدم مجموعة فايس خلال أسبوع المبيعات الكبرى ونحتفي بإرثهما الاستثنائي".
من أبرز الأعمال المعروضة: لوحة مارك روثكو No. 31 (Yellow Stripe)، التي تعود إلى عام 1958، وهو العام الذي تلقى فيه تكليفًا بإنجاز جداريات سيغرام الشهيرة.
Christie's
وتُعد اللوحة جوهرة هذه المجموعة الاستثنائية، فضلاً عن كونها من أبرز الأعمال في مسيرة الفنان، وتُقدر قيمتها عند الطلب بحوالي 50 مليون دولار. يليها لوحة للفنان بابلو بيكاسو تعود إلى عام 1932 وتُقدر قيمتها بحوالي 40 مليون دولار.
تشمل المعروضات أيضًا لوحة الفنان هنري ماتيس Figure et bouquet (Tête ocre) بتقدير يراوح بين 15 مليون دولار و25 مليون دولار، ولوحة Composition with Red and Blue للفنان الهولندي بيت موندريان، التي أٌنجزت في الفترة من عام 1939 إلى عام 1941، ويراوح تقديرها بين 20 مليون دولار و30 مليون دولار.
ووفقًا لبيان صحفي، كان الزوجان شريكين متكاملين في رحلة الجمع، إذ كانا يزوران نيويورك في عطلات نهاية الأسبوع والمملكة المتحدة وفرنسا خلال الصيف لجمع مجموعتهما المرموقة. كما كانا من كبار المانحين الداعمين للمؤسسات التعليمية والثقافية والطبية، وتبرعا لجامعات مثل ييل، وكلية بارد، وكلية فرانكلين ومارشال.
ووُصف هذا المزاد بكونه مؤشرًا رئيسًا لاتجاهات سوق الفن، الذي انكمش للعام الثالث على التوالي في ظل حالة عدم الاستقرار الجيوسياسي وارتفاع معدلات التضخم وتبدل أذواق الجيل الجديد من المشترين.
Christie's
فبحسب شركة الأبحاث ArtTactic، تراجعت مبيعات المزادات لدى كريستيز وسوذبيز وفيليبس في النصف الأول من هذا العام بنسبة 6% مقارنة بالنصف الأول من عام 2024. وكان الانخفاض الأبرز في قطاع فنون ما بعد الحرب والفن المعاصر، إذ هبط بنسبة 19% خلال الفترة نفسها.
بل إن ما كان يُفترض أن تكون أغلى قطعة في مزادات الربيع في نيويورك، وهي منحوتة من عام 1955 لألبرتو جياكوميتي بعنوان Grande tête mince Grande tête de Diego-، فشلت في إيجاد مشترٍ في مزاد سوذبيز رغم أن تقديراتها تجاوزت 70 مليون دولار، وهو ما عكس هشاشة السوق عند قمته.
وتفاديًا لمثل هذه الإخفاقات العلنية هذا الموسم، تضغط دور المزادات على البائعين لإعادة ضبط توقعاتهم وخفض تقديرات الأسعار. وتقول مستشارة الفن ويندي كرومويل في هذا السياق، مشيرةً إلى النمو السريع للسوق بين عامي 2008 و2022: "لقد عشنا فقاعة مذهلة.
ما زال هناك من يرغب في اقتناء أعمال لفرانز كلاين أو مارك روثكو، لكن عددهم بات أقل. كثير من الأشخاص الذين كانت لديهم القدرة اشتروا بالفعل، واليوم يوجهون أموالهم إلى مجالات أخرى".