تعرض دار شيفينز Cheffins البريطانية للمزادات لوحة أصلية نادرة للفنان السريالي الإسباني سلفادور دالي، وُجدت خلال عملية تفريغ منزل في مدينة كامبريدج، وذلك ضمن مزاد للفن والتصميم مقرر عقده في 23 أكتوبر المقبل.
اللوحة الفنية، التي تحمل اسم "السلطان القديم" Vecchio Sultano وتعود إلى عام 1966، تُعد من أندر أعمال دالي، وتقدَّر قيمتها الأولية بين 26 ألف دولار و39 ألف دولار، رغم أنها بيعت في العام الماضي مقابل 200 دولار فقط لتاجر تحف لم يُكشف عن هويته بعد.

ما يجعل هذه القطعة فريدة لا يقتصر على توقيع دالي أو تاريخها فحسب، بل يكمن في سرديتها البصرية المستلهمة من حكايات ألف ليلة وليلة. رسم دالي السلطان بعمامة كبيرة مرصعة بـالجواهر، مستخدمًا تقنية الوسائط المختلطة، والألوان المائية وأقلام التحديد، على ورق بمقاس 15 × 11 بوصة، ضمن سلسلة مكوّنة من 500 عمل كان يخطط لإنجازها لتصوير الحكايات الشعبية من الشرق الأوسط.

وبحسب غابرييل داوني، خبيرة الفنون الجميلة في دار شيفينز، فإن "دالي كان مهووسًا بالثقافة الأندلسية، وكان يعتقد أنه من أصول موريسكية"، وهو ما أضفى على هذه السلسلة بُعدًا شخصيًا وعاطفيًا.

Vecchio Sultano لوحة نادرة لسلفادور دالي تُقدَّر قيمتها بسعر يصل إلى 39 ألف دولار.. بعد بيعها مقابل 200 دولار

Cheffins

تعود بداية هذه السلسلة إلى عام 1963، عندما كلّف الزوجان الإيطاليان الثريان جوزيبي ومارا ألباريتو، الفنان الإسباني بتنفيذ رسومات توضيحية لحكايات "ألف ليلة وليلة"، في مشروع كان يُفترض أن يُطرح عن طريق دار النشر الإيطالية العريقة ريزولي. إلا أن دالي، المعروف بنزقه الفني، تخلّى عن المشروع بعد تنفيذ 100 لوحة فقط من أصل 500 كانت مقررة.

نصف هذه الأعمال بقي في حوزة ريزولي، قبل أن تضيع أو تتلف مع مرور الوقت. أما النصف الآخر، فانتقل إلى ملكية العائلة الإيطالية ثم إلى ابنتهما كريستيانا. 

وقد بقيت هذه الأعمال محفوظة داخل المجموعة العائلية حتى نُشرت عام 2016 على يد دار فوليو سوسايتي The Folio Society، وهو ما أعاد تسليط الضوء على المشروع المنسي وأثار فضولاً عالميًا حول مصير الرسوم المفقودة.

اللوحة المكتشفة بيعت خلال تفريغ منزل في كامبريدج عام 2023 من دون تقدير لقيمتها الحقيقية، ولم تجذب آنذاك سوى مزايدَين اثنين فقط. لكنّ المشتري، بحسّه الفني ، لاحظ ملصقات قديمة على ظهر اللوحة تشير إلى إدراجها سابقًا ضمن أحد مزادات سوذبيز خلال تسعينيات القرن الماضي. 

وبعد بحث استغرق بضعة أشهر، واستعانة بمنصات مثل eBay، تمكن من العثور على كتالوج المزاد المذكور، والذي أكد نسبة اللوحة إلى دالي.

تواصل المشتري لاحقًا مع دار شيفينز لتقييم العمل، التي استعانت بدورها بخبير أعمال دالي المعروف، نيكولاس ديشارنس. هذا الأخير صادق على أصالة اللوحة، وأكد لصحيفة غارديان البريطانية أن "أسلوب اللوحة وموضوعها وألوانها تتطابق مع قطع أخرى من السلسلة نفسها، إلى جانب جودة الورق وحجمه". وأضاف: "الناس يتوقعون رؤية أعمال سريالية لدالي. هذه ليست كذلك، لكنها بلا شك بتوقيع دالي".

وتختم داوني قائلة:  "التعامل مع عمل أصلي مكتشف حديثًا لفنان يُعد من أعظم روّاد القرن العشرين هو شرف حقيقي. لقد كانت رحلة مشوقة من البحث والتوثيق. 
ورغم أن أعمال دالي غالبًا ما تكون صاخبة بصريًا، إلا أن هذه اللوحة تحديدًا تكشف جانبًا آخر من ممارسته الفنية، لا سيّما عبر استخدامه الرقيق للألوان المائية".