على مدى قرن من الزمن، ظلّ عالم الفخامة الفرنسية مسرحًا لصراعات خفية بين عائلاته العريقة، لكنها نادرًا ما خرجت إلى العلن بهذا الوضوح. اليوم، تعود دار هيرميس لتتصدّر المشهد مجددًا، بعدما فجّر وريثها نيكولا بوييش، البالغ 82 عامًا، فصلاً جديدًا من النزاع التاريخي مع برنارد أرنو وامبراطوريته الثرية إل في إم إتش LVMH، عبر دعوى قضائية يتّهم فيها المجموعة بحرمانه من أسهمٍ في هيرميس تُقدّر قيمتها بالمليارات.

الوثائق التي رُفعت أمام المحكمة القضائية في باريس منتصف مايو الماضي كشفت عن تفاصيل دقيقة في واحدة من المعارك الأكثر إثارة داخل قطاع الرفاهية الفرنسي، إذ يؤكد بوييش أن ملكية نحو ستة ملايين سهم من هيرميس تغيّرت من دون علمه، فيما تشير الدعوى إلى أن قيمة هذه الأسهم اليوم تقارب 16.26 مليار دولار، ما يمنح القضية ثقلاً يتجاوز بعدها الشخصي إلى نزاع حول النفوذ والهوية الاقتصادية.

يعود أصل الأزمة إلى عام 2010، حين فاجأت إل في إم إتش LVMH الأوساط المالية بجمع حصة بلغت 23% في هيرميس من خلال تحركات هادئة أربكت العائلة المؤسسة، محوّلة الأمر إلى مواجهة شرسة حول السيطرة على أحد أعرق الأسماء في صناعة الفخامة الفرنسية. ورغم أن العائلة نجحت بعد عام في تأسيس هيكل ملكية خاص يصون استقلال الشركة، فإن شرارة الخلاف لم تنطفئ تمامًا.

صراع المليارات يعود.. وريث هيرميس يقاضي إمبراطورية LVMH في نزاع تاريخي

AFP

اليوم، يعيد بوييش إحياء تلك الصراعات القديمة، مدّعيًا أن مدير ثروته الراحل إريك فريمون نقل ملكية أسهمه إلى أطراف ثالثة، في إشارة ضمنية إلى أرنو. وتشمل الدعوى أيضًا شركتي العائلة التابعتين لأرنو، أغاش Agache وفينانسيير أغاش Financière Agache، في تفرّع يربط المسار المدني بالتحقيق الجنائي الجاري بشأن اختفاء جزء من ثروة وريث هيرميس.

ورغم أن مجموعة LVMH تكرّر تأكيدها أن نيتها لم تكن الهيمنة على هيرميس بل الاستثمار طويل الأمد، فإن تاريخها مع الشركة لا يخلو من التوتر، على نحو خاص بعد أن فرضت عليها هيئة الأسواق المالية الفرنسية AMF عام 2013 غرامة تجاوزت ثمانية ملايين يورو بسبب ما وصفته بعدم الإفصاح الكامل عن تفاصيل بناء الحصة. آنذاك ردّت المجموعة بأن القرار غير مبرّر، لتطوي الصفحة من دون أن تُغلق فعليًا.

صراع المليارات يعود.. وريث هيرميس يقاضي إمبراطورية LVMH في نزاع تاريخي

AFP

وبين أروقة القضاء الفرنسي اليوم، يتجدّد صراع الإرث والهيمنة بين رمزين من رموز الرفاهية الباريسية، غير أن المشهد لم يعد يدور في قاعات تداول الأسهم، بل في أروقة المحاكم.