من قصر يطل على بحيرة جنيف إلى قاعة كريستيز في لندن، انتقلت مجموعة فنية جمعها الأمير صدر الدين آغا خان وزوجته الأميرة كاثرين آغا خان بين ستينيات القرن الماضي وثمانينياته، لتكتب فصلاً جديدًا في تاريخ المزادات العالمية. هذه المجموعة، التي ضمت 95 عملاً فنيًا من مقتنيات قصرهما، لم تكتفِ بجذب الأنظار، بل حققت مفاجأة مدوية؛ إذ بلغت مبيعاتها نحو 60.9 مليون دولار أمريكي، أي ما يعادل ستة أضعاف التقديرات الأولية التي لم تتجاوز 10.6 مليون دولار.
وسط عشرات الأعمال الفنية التي جذبت الأنظار، كان ثمة قطعة واحدة سرقت الأضواء بالكامل: لوحة نادرة تعود إلى الفترة ما بين 1575 و1580. هذه القطعة الفنية سجلت رقمًا قياسيًا عالميًا جديدًا للأعمال الكلاسيكية الهندية والإسلامية، بعدما بيعت بمبلغ 11.2 مليون دولار، متجاوزة أقل تقدير لها وهو 925 ألف دولار بأكثر من 12 ضعفًا، وبذلك أصبحت اللوحة الأغلى ضمن المجموعة، في مزاد شهد بيع الأعمال المعروضة كلها من دون استثناء.
Christie’s
لكن القصة لم تتوقف عند السعر القياسي؛ فالعمل الذي حمل عنوان A Family of Cheetahs in a Rocky Landscape (عائلة من الفهود في منظر صخري) كان تحفة بصرية بمختلف تفاصيله الدقيقة. ففي هذه اللوحة، تتجلّى براعة الفن المغولي في أبهى صوره، إذ يبرز التصوير المعقد والملون للفهود وسط تضاريس صخرية، مزدانًا بإطارات زرقاء مرصعة بالذهب، في مشهد يفيض بالفخامة والرمزية.
وقد يكون حضور هذه اللوحة في أبرز المعارض العالمية، من متحف متروبوليتان للفنون في نيويورك إلى المتحف البريطاني في لندن، وتوثيقها الواسع عبر السنين، خير دليل على قيمتها التاريخية والثقافية.
Christie’s
ولأن الأعمال العظيمة لا تأتي من فراغ، فإن وراء هذه الروعة يقف باسوان، واحد من الرسامين المفضلين لدى الإمبراطور أكبر، ثالث حكام الإمبراطورية المغولية التي بسطت سيطرتها على معظم شبه القارة الهندية بين عامي 1526 و1857. وقد ترك باسوان بصمة لا تُمحى في تاريخ الفن الآسيوي.
تقول سارا بلومبلي، رئيسة قسم الفن الإسلامي والهندي في كريستيز: "هذه اللوحة مثال مدهش ولا يُنسى على الرسم المغولي المبكر. إنها منفذة ببراعة عالية، مع تصوير طبيعي معبر جدًا. لقد تنافست المؤسسات والمقتنون الخاصون من الهند وخارجها للحصول على العمل".
