في قضية كشفت عن واحدة من أكبر عمليات تهريب الآثار عبر الحدود الأمريكية، أصدرت محكمة فيدرالية في بروكلين حكمًا بالسجن 6 أشهر إضافية، على طبيب مصري يدعى الدرّير، وذلك بعد إدانته بتهريب مئات القطع الأثرية المصرية القديمة إلى الولايات المتحدة عبر مطار جون إف. كينيدي الدولي.

ألقت السلطات الأمريكية القبض على الدرّير قبل خمس سنوات بتهمة إدخال مئات القطع الأثرية من دون التصريح عنها في استمارات الجمارك. 

وفي 27 أغسطس 2025، أصدرت القاضية الفيدرالية راشيل ب. كوفنر الحكم بعد تحقيقات مكثفة أسفرت عن استرداد أكثر من 600 قطعة أثرية مصرية جرى تهريبها على متن رحلات جوية من القاهرة إلى مطار جون كينيدي في نيويورك عبر شبكة تهريب أدارها الدرّير من القاهرة إلى نيويورك في عام 2019 وأوائل 2020.

تضمنت المضبوطات نقشًا متعدد الألوان، ولوحًا رومانيًا قديمًا من الحجر الجيري بيع لاحقًا في مزاد مقابل ألف دولار، ورأسًا رومانيًا من الحجر الجيري بيع في مزاد آخر بمبلغ 1.3 ألف دولار. كما كشفت السلطات عن وجود تمائم ذهبية جنائزية، ونماذج خشبية لتماثيل ترتدي ملابس كتان ترجع إلى حوالي عام 1900 قبل الميلاد.

في فبراير 2025، اعترف الدرّير بارتكاب أربع مخالفات تتعلق بتهريب آثار مصرية. ووفقًا لوثيقة قضائية مقدمة في 14 أغسطس من محامي الدفاع الفيدرالي كانان سوندارام وجوليان هاريس-كالڤين، فقد حمل المتهم في كل رحلة من رحلات عام 2019 قطعة أثرية واحدة فقط، بينما حاول في يناير 2020 إدخال ما يقرب من 590 قطعة أثرية داخل ثلاث حقائب مشحونة.

وصرّح الدرّير لضباط الجمارك وحماية الحدود في تلك الرحلة بأنه لا يحمل سوى بضائع بقيمة 300 دولار، لكن الضباط اكتشفوا أن الحقائب مليئة بالقطع الأثرية المغلفة بالبلاستيك. وعند فتح التغليف، انسكب الرمل والأتربة من العبوات، في إشارة واضحة إلى أن القطع استُخرجت حديثًا من مواقع أثرية.

كما عُثر بحوزته على مجموعة من المواد المستخدمة في صنع وثائق مزوّرة للقطع المسروقة، ضمن ما يُعرف بوثائق المنشأ، وهي السجلات التي تعكس تاريخ امتلاك القطع وتُستخدم لإثبات أصالتها وعدم سرقتها.

ضبط 600 قطعة آثار مصرية مهربة في مطار جون إف. كينيدي

كشفت مستندات المحكمة أن الدرّير استخدم سجلات زائفة تضمنت وثائق متعددة، بما في ذلك ما بدا أنه صفحات مصرية قديمة تحمل علامات مائية، وطوابع مصرية مفككة تعود لعقود سابقة، إضافة إلى صور بالأبيض والأسود تُظهر أحد أسلافه المزعومين وهو يعرض القطع الأثرية في مكتبه منذ زمن بعيد.

لكن الخبراء الجنائيين أثبتوا أن هذه الوثائق مزورة، وأن الصور عُدّلت رقميًا بوساطة الفوتوشوب وأُعطيت مظهرًا يوحي بالقدم.

وبعد القبض عليه في يناير 2020، قادت التحقيقات إلى اكتشاف واسترداد قطع أثرية إضافية أُدخلت بشكل غير قانوني إلى الولايات المتحدة، وصودرت جميعها بجانب 590 قطعة ضُبطت معه في المطار.

أعلن الحكم جوزيف نوسيلا جونيور، المدعي العام للولايات المتحدة عن المنطقة الشرقية في نيويورك، بمشاركة ريكي جيه. باتيل، رئيس قسم تحقيقات الأمن الداخلي في نيويورك (HSI)، وفرانسيس جيه. روسو، مدير عمليات الميدان في مكتب الجمارك وحماية الحدود بالولايات المتحدة في نيويورك (CBP).

وقال نوسيلا في بيان رسمي: "نهب المتهم كنوزًا ثقافية مصرية، وكذب على الجمارك الأمريكية بشأنها، في إطار شبكة خداع نسجها لملء جيوبه بالمال بشكل غير قانوني". 

وأضاف نوسيلا: "يجب أن يعلم أولئك الذين يسرقون كنوزًا ثقافية من دول أخرى، ويهرّبونها إلى الولايات المتحدة، أنهم سيُحاسبون على جرائمهم. 

نشيد بشركائنا في مكتب التحقيقات الأمريكي وهيئة الجمارك وحماية الحدود، على عملهم الدؤوب في هذه القضية، ونتطلع إلى إعادة الآثار المستردّة إلى مصر".

كما صرّح فرانسيس روسو قائلاً: "إن حماية التراث الثقافي تُعد جانبًا مهمًا وغالبًا ما يحري التغاضي عنه في أمن الحدود، حين يستغل المهربون الثغرات نفسها لنقل قطع أثرية مسروقة وسلع غير مشروعة أخرى. 

في هذه القضية، كذب المتهم بدافع الجشع في أثناء التفتيش الحدودي لإخفاء آثار لا تُقدّر بثمن، لكن يقظة ضباط الجمارك كشفت الحقيقة".

وأكد مكتب المدعي العام أن الدرّير كان تاجرًا نشطًا للآثار المصرية، وأنه في كل مرة من المرات الأربع التي قام فيها بتهريب آثار إلى الولايات المتحدة، استعان بسجلات زائفة لبيع تلك القطع عبر دور مزادات أمريكية.