في لحظة حاسمة من تاريخ البحرية البريطانية، وتحديدًا في 21 أكتوبر من عام 1805، احتدمت أمواج البحر قبالة رأس الطرف الأغر الإسباني في واحدة من أعظم المعارك البحرية في التاريخ: معركة الطرف الأغر Trafalgar، التي رسّخت هيمنة بريطانيا على البحار وغيّرت مسار الحروب النابليونية إلى الأبد.
واليوم، بعد أكثر من قرنين على تلك اللحظة الفاصلة، لا تعود الأساطيل ولا يُستعاد الدخان، لكن تُبعث من ذاكرة التاريخ ثلاث ساعات جيب ذهبية نادرة، ارتداها قادة ذلك النصر، لتُعرض في مزاد استثنائي بلندن تنظمه دار سبينك Spink في ديسمبر المقبل، بقيمة تقديرية تراوح بين 960 ألف دولار و1.5 مليون دولار أمريكي.
قبل انطلاق المعركة الحاسمة، جمع الأدميرال هوراشيو نيلسون ضباطه على متن سفينة القيادة، وطلب منهم مزامنة ساعاتهم على توقيت ساعته الشخصية. لم تكن ساعةً عادية، بل واحدة من 38 نسخة نادرة صنعها الصانع السويسري الموهوب جوزايا إيمري، ولم يتبقَ منها سوى 22 نسخة فقط. يُعتقد أن نيلسون اقتناها بعد انتصاره في معركة النيل عام 1798، واحتفظ بها بوصفها أعز مقتنياته حتى لحظة وفاته.
حين أصيب نيلسون إصابة قاتلة خلال المعركة، تولّى صديقه المقرّب الكابتن توماس ماسترمان هاردي مسؤولية مقتنياته، وأعاد الساعة إلى عائلة نيلسون لتتحول لاحقًا إلى إرث من المجد والوفاء.
Martyn Downer
أما ساعة هاردي نفسه، فقد كُشف عنها أخيرًا، وتبيّن أنها صنعت عام 1755 على يد الصانع الإنجليزي روبرت هولاند، المعروف بدقته وبراعته في صناعة الساعات اليدوية الفاخرة. يُرجّح أن الساعة كانت هدية عائلية ثمينة، انتقلت إليه من أحد أفراد أسرته، وكانت ترمز إلى إرث من الشجاعة والانضباط. رافقته هذه الساعة في أبرز المعارك البحرية، وكانت شاهدة على لحظة فارقة في التاريخ: حين احتضن هاردي نيلسون وهو يحتضر في الطابق السفلي من السفينة، واضعًا نهايةً مأساوية لأحد أشهر القادة العسكريين في بريطانيا.
Spink Auction/instagram
الساعة الثالثة كانت ملكًا للأدميرال كوثبرت كولينغوود، الرجل الذي تولّى قيادة الأسطول البريطاني بعد وفاة نيلسون، في لحظة فارقة تطلّبت حسمًا وهدوءًا. وقد اقتناها من صانع الساعات الإنجليزي توماس موس، خلال إجازته الأخيرة في إنجلترا قبل عامين من المعركة، حين كان لا يزال بعيدًا عن أجواء الحرب.
Spink Auction/instagram
وصف مارتن داونر، الخبير في مقتنيات نيلسون، المزاد قائلاً: "إنه حدث استثنائي بكل المقاييس، ليس لقيمة القطع فحسب، بل لما تمثّله من ارتباط حيّ ومباشر بلحظة غيرت مجرى التاريخ".






