منذ افتتاحه قبل أربعة عقود، ظل متحف بيكاسو في باريس المرجع الأبرز عالميًا لأعمال أحد أشهر فناني القرن العشرين، الإسباني بابلو بيكاسو. ويحتضن المتحف ما يزيد على خمسة آلاف عمل فني ونحو مئتي ألف وثيقة أرشيفية، ليشكل صرحًا فنيًا وثقافيًا لا مثيل له في قلب العاصمة الفرنسية.
واليوم، وبعد أربعين عامًا من تدشينه، يستعد المتحف لمرحلة مفصلية جديدة بإطلاق مشروع "بيكاسو 2030"، الذي يهدف إلى إعادة صياغة مساحاته المعمارية وتوسيع مرافقه، من دون أن يغلق أبوابه، ليواصل أداء دوره الثقافي من دون انقطاع طيلة فترة الأعمال.
مشروع بيكاسو 2030: تطوير تجربة الزوار
من المنتظر أن يمتد المشروع الجديد على مدى عامين بين 2028 و2030، ويتضمن دمج الحديقة التاريخية للمتحف مع ساحة ليونور-فيني المجاورة، فضلاً عن إنشاء جناح حديث مخصص للمعارض المؤقتة.
ويمثل هذا التحول خطوة نوعية في تاريخ المتحف، إذ يسعى إلى الحفاظ على طابعه التراثي وتقديم تجربة أكثر انسيابية للزوار.
AFP
سيسيل ديبراي، التي تتولّى رئاسة المتحف منذ عام 2021، أكدت أن دوافع المشروع لا تعود إلى خلل في المبنى، بل إلى ضرورة تطوير تجربة الجمهور.
وقالت: "المتحف مصان بشكل ممتاز، غير أن تصميمه في ثمانينيات القرن الماضي جاء ليُبرز مقتنياته بوصفها قطعًا نفيسة، من دون أن يوفّر الانسيابية الكافية لتجربة الزائر. ومع تزايد أعداد الرواد، بات تداخل مسارات الحركة يفرض إعادة التفكير في تنظيم الفضاءات".
AFP
توسعة جديدة تواكب العصر
هذا التوجه لم يكن قرارًا فرديًا، بل ثمرة جهود امتدت لعامين عملت خلالهما ديبراي على حشد دعم الشركاء الرئيسين: مدينة باريس المالكة للمبنى والحديقة، والدولة الفرنسية الراعية للمجموعة الفنية، وورثة بيكاسو الذين يحتفظون بحقوقه المعنوية. وقد أثمرت هذه الجهود عن موافقة جماعية، شكلت نقطة انطلاق أساسية للمشروع.
ورغم أن المتحف كان قد ضاعف مساحة معارضه ثلاث مرات قبل عشر سنوات فقط، إلا أن مشروع "بيكاسو 2030" لا يقتصر على التوسعة بقدر ما يطرح رؤية أشمل.
فهو يسعى إلى نقل المتحف من مجرد فضاء للعرض إلى مركز ثقافي متكامل، قادر على التفاعل مع جمهوره، ومواكبة التحولات المعاصرة، وترسيخ حضور بيكاسو في الذاكرة الثقافية للأجيال المقبلة.